المعتقل السياسي محمد جميلي
رقم الاعتقال : 94603
يا ظلام الليل خيم إننا نهوى الظلام
ليس بعد الليل إلا فجر صبح يتسامى
إن الحديث عن بشاعة النظام و زبانيته في تعذيب المناضلين الشرفاء أمر قد يظهر من نافل القول لأن البعض ممن " خبر سجون النظام و معتقلاته السرية " و من تماشوا مع خطاهم في الآونة الأخيرة . قالوا إن زمن الجمر و الرصاص قد ولى و نحن من موقعنا نقول أن ليس هناك أزمان أو صفحات في تاريخ شعبنا تطوى لتفتح صفحات جديدة ، لكن كل ما هنالك مد و جزر في خضم صراع لا هوادة فيه بين النظام الرجعي القائم بالمغرب ، و الشعب المغربي بقيادة طليعته الثورية .فإذا اختلف الزمان و المكان ، تبقى القضية واحدة و أطراف الصراع نفسهم مع اختلاف شخصيات كل مشهد.
فنحن لا نغالي و نقول أننا تعرضنا لما تعرض له المناضلين الثوريين في السبعينات و الثمانينات ، لكن ما تعرضنا له لا يقل بشاعة ، ضمن مختلف أطياف الإرهاب النفسي و الجسدي فمن تغميض الاعين
منذ الوهلة الأولى من اعتقالنا ، و ما واكب ذلك من شتى أنواع التعذيب و من ضرب بالعصي بعد تمديدنا في الأرض إلى الضرب بالأحذية العسكرية على مستوى الوجه و كافة أنحاء أجسادنا المنهوكة ، ليتم نقلنا بسيارة البوليس و الضرب و الركل ينهال علينا على طول الطريق.
و عند وصولنا إلى المخفر السيئ الذكر جامع الفنا حتى استقبلنا من طرف أشخاص شداد غلاظ لا يعصون أوامر أسيادهم. لينهالوا علينا بالضرب و الرفس كأنهم ذئاب جائعة ، مرفوقة بشتى أطياف السب و الشتم و مختلف الألفاظ النابية ، هذا القاموس من الألفاظ الذي لا نجده إلا في هذه الأماكن العفنة المعدة خصيصا للتنكيل بالمناضلين و أبناء الشعب الأبرياء ، الذين يقادون يوميا بالمئات إلى هذه المخافر الوسخة.
هذا و قد نهجوا معنا مختلف الأساليب قصد تركعينا ، من إرسال فرق مختلفة ، فعندما تتعب فرقة ترسل أخرى أشد منها في الضرب و الركل ، للنيل من قناعات المناضلين إلا أننا كنا كالصخرة الصماء ، لا تقدر مختلف وسائلهم في التعذيب من زعزعتنا عن مواقفنا و لو قيد أنملة.
أما بالنسبة لي شخصيا ، فقد تم اقتيادي لعشرات المرات إلى غرف خاصة في أحدج الطوابق السفلى قصد الاستنطاق ، إلا أن خبرتي معهم في الاعتقال السابق يظهر أنهم عاجزين عن ثنيي مهما اشتد العقاب ، و أن التصريح بمعطى واحد يعني الدخول في متاهة لا تنتهي ، و هم مستوعبون هذه المسألة جيدا ، و حين اقتادوني إلى إحدى ولائم التعذيب و بعد فقدانهم للأمل في الحصول عل أبسط معطى قالوا لي صراحة " إنكم أشد صلابة من عناصر السلفية الجهادية الذين يفجرون أنفسهم " ، و أصبحوا يتساءلون عن مصدر هذا الصمود الذي يعلمون جيدا أننا لا نتقاضى عليه أجرا ، لكن ما لا يعلمونه أو لم يستوعبوه جيدا بأن لنا قضية و التاريخ إلى جانبنا ، و بأيدينا نصنع صمودنا.
بالإضافة إلى كل ما سبق من ضرب بالعصي و السلاسل هناك الإرهاب النفسي من تهديد بالاغتصاب و الصعق بالكهرباء و الطيارة ، ليصلوا بعد فقدانهم الأمل في الحصول على أي معطى إلى رميي في السلم مما خلف ندوبا و جروحا في مختلف جسدي.
و حينما بلغ بهم الغيظ محله بعد فشل مختلف أساليب التهديد و الترغيب و الإغراء ، عملوا على إحكام إغلاق الأصداف و اليدين إلى الوراء و تم تعليقي حتى كادت أضلاعي تنفصل عن مكانها بالإضافة إلى رفس الأصداف بالأحذية حتى كاد معصمي يتكسر مما خلف جروحا عميقة و أوجاعا ما زلت أعاني منهما على مستوى مناطق الأصداف و مازالت آثارها مرسومة في يدي .
فمسلسل التعذيب استمر لعشر ساعات دون توقف في اليوم الأول ، و بعد إحالتنا على الاعتقال المؤقت بنفس المخفر في الطابق السفلي، تم تمديد مدة الحراسة النظرية لتصل إلى 82 ساعة ، تم حرماننا خلالها من الأكل و الشرب نفس الشيء خلال الأيام الموالية. و حينما نطالبهم بتزويدنا بالأكل من النقود المحتجزة عندهم يقولون بأنها أوامر من المسؤولين ، على أعلى المستويات ، تأمر بحرماننا من أبسط الحاجيات و بالمعاملة القاسية.
و خلال مدة الحراسة النظرية يتم بين الفينة و الأخرى استدعاء أحدنا من 4 مرات إلى 7 مرات يتم خلالها تكرير مسلسل التعذيب بشكل أكثر بشاعة.
و بعد انتهاء مدة الحراسة النظرية تم اقتيادنا إلى محكمة الاستئناف لنبقى هناك من 10 صباحا إلى 6 مساء دون أكل و شرب ، حيث قابلنا وكيل الملك و قاضي التحقيق في ساعات متأخرة من الليل و البرد و الجوع أخذ منا ما أخذه...
ليتم نقلنا إلى السجن المدني بولمهارز السيئ الذكر حيث سوء المعاملة ، و تفريقنا بين مختلف الأجنحة بحيث تم إيداعي في البداية في الغرفة 3 من الجناح الخاص بالجنايات و هناك بدأت المعاناة الشديدة ، لا أفرشة و لا أغطية . أنام إلى جانب حوالي 20 سجينا في مساحة لا تتجاوز 3 أمتار مربعة حيث نتكدس على بعضنا البعض . و بعد إضرابنا الانذاري على الطعام عملوا على نقلي إلى الغرفة 4 ، إلا أن شروط الدراسة منعدمة في هذه المنطقة.
رقم الاعتقال : 94603
يا ظلام الليل خيم إننا نهوى الظلام
ليس بعد الليل إلا فجر صبح يتسامى
إن الحديث عن بشاعة النظام و زبانيته في تعذيب المناضلين الشرفاء أمر قد يظهر من نافل القول لأن البعض ممن " خبر سجون النظام و معتقلاته السرية " و من تماشوا مع خطاهم في الآونة الأخيرة . قالوا إن زمن الجمر و الرصاص قد ولى و نحن من موقعنا نقول أن ليس هناك أزمان أو صفحات في تاريخ شعبنا تطوى لتفتح صفحات جديدة ، لكن كل ما هنالك مد و جزر في خضم صراع لا هوادة فيه بين النظام الرجعي القائم بالمغرب ، و الشعب المغربي بقيادة طليعته الثورية .فإذا اختلف الزمان و المكان ، تبقى القضية واحدة و أطراف الصراع نفسهم مع اختلاف شخصيات كل مشهد.
فنحن لا نغالي و نقول أننا تعرضنا لما تعرض له المناضلين الثوريين في السبعينات و الثمانينات ، لكن ما تعرضنا له لا يقل بشاعة ، ضمن مختلف أطياف الإرهاب النفسي و الجسدي فمن تغميض الاعين
منذ الوهلة الأولى من اعتقالنا ، و ما واكب ذلك من شتى أنواع التعذيب و من ضرب بالعصي بعد تمديدنا في الأرض إلى الضرب بالأحذية العسكرية على مستوى الوجه و كافة أنحاء أجسادنا المنهوكة ، ليتم نقلنا بسيارة البوليس و الضرب و الركل ينهال علينا على طول الطريق.
و عند وصولنا إلى المخفر السيئ الذكر جامع الفنا حتى استقبلنا من طرف أشخاص شداد غلاظ لا يعصون أوامر أسيادهم. لينهالوا علينا بالضرب و الرفس كأنهم ذئاب جائعة ، مرفوقة بشتى أطياف السب و الشتم و مختلف الألفاظ النابية ، هذا القاموس من الألفاظ الذي لا نجده إلا في هذه الأماكن العفنة المعدة خصيصا للتنكيل بالمناضلين و أبناء الشعب الأبرياء ، الذين يقادون يوميا بالمئات إلى هذه المخافر الوسخة.
هذا و قد نهجوا معنا مختلف الأساليب قصد تركعينا ، من إرسال فرق مختلفة ، فعندما تتعب فرقة ترسل أخرى أشد منها في الضرب و الركل ، للنيل من قناعات المناضلين إلا أننا كنا كالصخرة الصماء ، لا تقدر مختلف وسائلهم في التعذيب من زعزعتنا عن مواقفنا و لو قيد أنملة.
أما بالنسبة لي شخصيا ، فقد تم اقتيادي لعشرات المرات إلى غرف خاصة في أحدج الطوابق السفلى قصد الاستنطاق ، إلا أن خبرتي معهم في الاعتقال السابق يظهر أنهم عاجزين عن ثنيي مهما اشتد العقاب ، و أن التصريح بمعطى واحد يعني الدخول في متاهة لا تنتهي ، و هم مستوعبون هذه المسألة جيدا ، و حين اقتادوني إلى إحدى ولائم التعذيب و بعد فقدانهم للأمل في الحصول عل أبسط معطى قالوا لي صراحة " إنكم أشد صلابة من عناصر السلفية الجهادية الذين يفجرون أنفسهم " ، و أصبحوا يتساءلون عن مصدر هذا الصمود الذي يعلمون جيدا أننا لا نتقاضى عليه أجرا ، لكن ما لا يعلمونه أو لم يستوعبوه جيدا بأن لنا قضية و التاريخ إلى جانبنا ، و بأيدينا نصنع صمودنا.
بالإضافة إلى كل ما سبق من ضرب بالعصي و السلاسل هناك الإرهاب النفسي من تهديد بالاغتصاب و الصعق بالكهرباء و الطيارة ، ليصلوا بعد فقدانهم الأمل في الحصول على أي معطى إلى رميي في السلم مما خلف ندوبا و جروحا في مختلف جسدي.
و حينما بلغ بهم الغيظ محله بعد فشل مختلف أساليب التهديد و الترغيب و الإغراء ، عملوا على إحكام إغلاق الأصداف و اليدين إلى الوراء و تم تعليقي حتى كادت أضلاعي تنفصل عن مكانها بالإضافة إلى رفس الأصداف بالأحذية حتى كاد معصمي يتكسر مما خلف جروحا عميقة و أوجاعا ما زلت أعاني منهما على مستوى مناطق الأصداف و مازالت آثارها مرسومة في يدي .
فمسلسل التعذيب استمر لعشر ساعات دون توقف في اليوم الأول ، و بعد إحالتنا على الاعتقال المؤقت بنفس المخفر في الطابق السفلي، تم تمديد مدة الحراسة النظرية لتصل إلى 82 ساعة ، تم حرماننا خلالها من الأكل و الشرب نفس الشيء خلال الأيام الموالية. و حينما نطالبهم بتزويدنا بالأكل من النقود المحتجزة عندهم يقولون بأنها أوامر من المسؤولين ، على أعلى المستويات ، تأمر بحرماننا من أبسط الحاجيات و بالمعاملة القاسية.
و خلال مدة الحراسة النظرية يتم بين الفينة و الأخرى استدعاء أحدنا من 4 مرات إلى 7 مرات يتم خلالها تكرير مسلسل التعذيب بشكل أكثر بشاعة.
و بعد انتهاء مدة الحراسة النظرية تم اقتيادنا إلى محكمة الاستئناف لنبقى هناك من 10 صباحا إلى 6 مساء دون أكل و شرب ، حيث قابلنا وكيل الملك و قاضي التحقيق في ساعات متأخرة من الليل و البرد و الجوع أخذ منا ما أخذه...
ليتم نقلنا إلى السجن المدني بولمهارز السيئ الذكر حيث سوء المعاملة ، و تفريقنا بين مختلف الأجنحة بحيث تم إيداعي في البداية في الغرفة 3 من الجناح الخاص بالجنايات و هناك بدأت المعاناة الشديدة ، لا أفرشة و لا أغطية . أنام إلى جانب حوالي 20 سجينا في مساحة لا تتجاوز 3 أمتار مربعة حيث نتكدس على بعضنا البعض . و بعد إضرابنا الانذاري على الطعام عملوا على نقلي إلى الغرفة 4 ، إلا أن شروط الدراسة منعدمة في هذه المنطقة.
0 commentaires:
إرسال تعليق